سُورَةُ يُونُسَ فِيهَا مِنْ الْآيَاتِ سِتٌّ . الْآيَةُ الْأُولَى قَوْله تَعَالَى : { هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمْ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَان وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنْ الشَّاكِرِينَ } . فِيهَا سِتُّ مَسَائِلَ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَوْلُهُ : { فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ } فِي تَفْسِيرِهِ قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ الْبَرَّ هُوَ الْأَرْضُ الْيَابِسَةُ ، وَالْبَحْرَ هُوَ الْمَاءُ . الثَّانِي : أَنَّ الْبَرَّ الْفَيَافِي ، وَالْبَحْرَ الْأَمْصَارُ ، وَإِنَّمَا يَكُونُ تَفْسِيرُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِحَسَبِ مَا يَرْتَبِطُ بِهِ مِنْ قَوْلٍ مُقَدَّمٍ لَهُ أَوْ بَعْدَهُ ، كَقَوْلِهِ هَاهُنَا : { حَتَّى إذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ } . فَهَذَا نَصٌّ بَيِّنٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَحْرِ غَمْرَةُ الْمَاءِ ، وَقَرِينَتُهَا الْمُبَيِّنَةُ لَهَا قَوْلُهُ : حَتَّى إذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ ، وَقَوْلُهُ : { وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ } ، فَقَوْلُهُ : { مِنْ الْفُلْكِ } هُوَ لِلْبَحْرِ ، وَقَوْلُهُ : ( " الْأَنْعَامِ " ) هُوَ لِلْبَرِّ . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قُرِئَ { يُسَيِّرُكُمْ } بِالْيَاءِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ ، وَنَنْشُرُكُمْ بِالنُّونِ وَالشَّيْنِ الْمُعْجَمَةِ ، وَأَرَادَ الْيَحْصُبِيُّ يَبْسُطُكُمْ بَرًّا وَبَحْرًا ، وَأَرَادَ غَيْرَهُ مِنْ السَّيْرِ ، وَهُوَ الَّذِي أَخْتَارُهُ .